في النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين
غربـان تعبـث بأعشـاش النسـور
الصحافة التونسية ليست حرة... الصحافيون التونسيون يعانون ظلم السلطة وأجهزتها المعلنة والخفية... مالكو وسائل الإعلام يتسابقون لتحقيق سبق الولاء والطاعة والدوس على كرامة الصحفي وتجاهل حقوقه.. الإعلام في تونس يحكمه المُعلن والمتحكم في حنفية الإشهار العمومي.. الرأي العام ينتظر صحف الجوار والفضائيات لتخبره مثلا عن الوضع في الرديف.. أما رؤساء التحرير فجلهم ينتظر ما تجود به برقيات وكالة الأنباء الرسمية لملء صفحات الجرائد... حقائق صرحنا بها قبل أن يحاصر البوليس السياسي مقر نقابتنا ويمنعنا والصحفيين الأحرار من دخولها ويعتدي على نقيبنا.. ونواصل رغم ذلك رفع صوتنا عاليا لنصرح بأكثر من ذلك.
لن يُثنينا سيل التهم التي تصلنا من حين إلى آخر، عن فرض استقلالية نقابتنا والدفاع عن حرية صحافتنا.. ولن ننزل بسقف مطالبنا وإن نزل مستوى من خولت له التعليمات اتهامنا باطلا.. ولن يلهينا الانقلابيون عن أصل قضيتنا بتفاهات وأخطاء لا يرتكبها طالب في معهد الصحافة، يحرص كما علموه أن يتثبت من المعلومة قبل أن يكتب خبرا.. فما بالك بصحفي نصبوه قائدا نقابيا فتقدم بشكوى، يكرس من خلالها محاكمة الصحفيين الأحرار ويسعى إلى سجنهم وهو لا يملك أدنى فكرة عن الملف المالي.
تمنيت أن يرى أحد الانقلابيين أو من يأمرهم فيطيعوا صاغرين، تعابير وجه عون التحقيق وهو يتأكد بنفسه لا من دقة حساباتنا ونظافة أيدينا، فذلك من البديهيات، بل ومن حرصنا جميعا على عدم تسليم الأمانة التي شرفنا بها الصحفيون، دون تهديد أو ضغط، إلى طرف غير شرعي.. إلى جماعة تريد أن تبدأ عملها غير القانوني بسجن الصحفيين وربما تنهيه بقتلهم أو تهجيرهم مع مواصلة تجفيف حبر قلمهم في كل لحظة وإرهابهم وتركيعهم...
ولعل ما يؤكد تخبط من انقلبوا على المكتب الشرعي للنقابة ودورانهم حول أنفسهم، في انتظار بعض التعليمات التي قد تعطي معنى لوجودهم في مكان ليس لهم، هو خيالهم الواسع الذي صور لهم أن الأموال نزلت على مقر النقابة في غيابهم فملأنا الحساب البنكي للنقابة، أو أنه لحقنا قليل من النعم التي أغدقها الحزب الحاكم يوم 15 أوت الماضي، تاريخ التحاق وجوه عديدة بمزبلة التاريخ، فصرفنا وصرفنا وأسأنا التصرف ولم تنته الأموال فحولنا البعض منها إلى بنوك سويسرية وغاب رئيس النقابة هذه الأيام ليشتري لنا يختا ومجموعة سيارات... فثارت ثائرة شرفاء القوم وحرصا منهم على أموال الصحفيين قدموا شكوى لتمنع عنا تدفق الأموال وتحول دوننا والمصالح الخاصة... هل بعد هذه السخافات سخافات؟ وهل هذا "تصحيح المسار" الذي سمعنا جعجعته ولن نرى طحينه؟...
الكل يعلم أن النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، وعلى خلاف كل نقابات العالم لا تتمتع بدعم من أية جهة ولا يتم اقتطاع نسب من عائدات الإشهار لفائدتها مثلما هو معمول به في مختلف دول العالم، ورغم ذلك تُتهم قيادتها الشرعية بسوء التصرف المالي في إطار فصل مسرحي سيء الصياغة والإخراج والتنفيذ... فكفى.. كفى.. كفى.. لأن الصحفي التونسي مل الإذلال وكره أن يكون مجبرا في غالب الأحيان على تجاهل الأحداث والاكتفاء بهوامشها.. وقرر أن لا يكون الحلقة الأضعف في قطاع الإعلام.
أما عنا نحن، أعضاء المكتب الشرعي، فلا نأسف إلا على شيء وحيد كما قال لنكولن... أننا لا نملك إلا حياة واحدة نهبها لحريتنا...
نجيبة الحمروني
المكلفة بالحريات إلى حدود شهر جوان 2009 وأمينة مال بعد أن أصبح ثمن الاستقالة 5 آلاف دينار فقط
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.