بدعوة من "التنسيق الجمعياتي المستقل"* عُقدت صبيحة السبت 12 سبتمبر الجاري ندوة صحفية بمقرّ الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات كان موضوعها الانقلاب على المكتب التنفيذي الشرعي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الذي دبّرته السلطة و نفذه أتباعها و كان آخر فصوله اقتحام البوليس لمقر النقابة يوم الثلاثاء 8 سبتمبر و افتكاكه و تسليمه للعصابة المنقلبة بقيادة جمال الكرماوي المستشار بإدارة الحزب الحاكم.
و حضر هذه الندوة، علاوة على الداعين إليها، السيد ناجي البغوري رئيس نقابة الصحفيين و السيد زياد الهاني عضو مكتبها التنفيذي و عدد من ممثلي وسائل الإعلام و الأحزاب السياسية و الجمعيات و المنظمات. كما حضرها ممثل عن الفدرالية الدولية للصحفيين ("الفيج") و ممثلون عن السلك الدبلوماسي المعتمدين في تونس.
و بعد افتتاح السيدة سناء بن عاشور رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات للندوة، أخذ الكلمة رئيس نقابة الصحفيين الذي استعرض وقائع الانقلاب و دوافعه مؤكـّدا أنّ السبب الرئيسي لهذا الانقلاب هو تمسّك النقابة باستقلاليّتها و رفضها التحوّل إلى أداة طيّعة بيد السلطة. كما أدان البغوري الأحكام القضائية التي صدرت ضدّ المكتب التنفيذي الشرعي للنقابة مبيّنا طابعها السياسي و عدم استنادها إلى أيّ أساس قانوني ملاحظا أن القضاء، مثل الصحافة، "تحت السيطرة". كما تعرّض إلى الكيفيّة التي تمّ بها اقتحام مقرّ النقابة من طرف البوليس و سدّ المنافذ المؤدّية إليه و الاعتداء عليه هو شخصيا و العبث بوثائق النقابة و أرشيفها و في النهاية منع انعقاد المؤتمر الاستثنائي للنقابة الذي كان مقرّرا لهذا اليوم 12 سبتمبر. و اختتم البغوري بالقول "إن المعركة هي معركة المجتمع التونسي ككلّ من أجل الحريات التي تمثل المدخل لأيّ تغيير سلمي و ديمقراطي ببلادنا".
و على إثر ذلك تناول الكلمة الأستاذ مختار الطريفي رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان الذي تطرّق إلى مختلف الاخلالات القانونية التي حفت بـ "مؤتمر" 15 أوت الذي نظمه المنقلبون بدعم من السلطة. و أشار في هذا الصدد إلى ما تعرّضت له الرابطة من أحكام جائرة لضرب استقلاليتها من طرف قضاء غير مستقلّ.
و بعد ذلك أعطيت الكلمة للصحافيين فدارت أسئلتهم حول مصير النقابة بعد الانقلاب و حول موقف "الفدرالية الدولية للصحفيين" و قد جاءت ردود ناجي البغوري و زياد الهاني مؤكدة إصرار المكتب التنفيذي الشرعي للنقابة على مواصلة خوض المعركة و الدفاع عن الشرعيّة في وجه الانقلاب. و تمّ التذكير بأنه سبق للسلطة أن نظمت انقلابا على جمعيّة الصحافيين عام 1978 لانتصارها للشرعية ضدّ الانقلاب الذي تعرّضت له قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل اثر الإضراب العام الذي دعا إليه يوم 26 جانفي 1978 و الذي أغرقه النظام في الدم، و لكن لم تمرّ سوى سنتان حتى سقط المنقلبون و عادت الشرعيّة إلى جمعية الصحفيّين. و أكـّد المتدخلان أنهما و رفاقهم في المكتب الشرعي يستندون إلى قاعدتهم الصحفيّة المتمسّكة بهم معوّلين عليها و على قوى المجتمع المدني في تونس و على الهيئات الصحفيّة العالميّة لإسقاط الانقلاب. كما أشار البغوري في بعض ردوده إلى أنّ السلطة أرادت أن تجعل من النقابة الوطنيّة للصحفيّين التونسيّين جزءا من ديكور التأييد و التزكية لترشح بن علي في حين عبّرت النقابة انطلاقا من تمسّكها باستقلاليتها عن عدم دعمها لأيّ مرشّح في الانتخابات. كما أكـّد أنه ما من سبيل لمواجهة هذه الحالة التي تتهدّد كلّ الجمعيات و المنظمات المستقلة سوى التنسيق و العمل المشترك حتى لا يتمّ الاستفراد بالمنظمات و عزلها الواحدة تلو الأخرى.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.