من فضاء المقاهي العادية، ولا أعني مقاهي الانترنت أو المقاهي الأدبية والشعرية... إلى فضاء الفايس بوك الذي لا يمكن أن نفترض له حدودا... ومن فضاء المدونات، بحشيشها وريشها... إلى فضاء الرسائل الهاتفية القصيرة... ناهيك عن فضاءات مغلقة تصلنا منها، ورغم أنوفنا، نتونة... لا نرى من يدخلها ونلاحظ من يخرج منها ينفض وسخا وقشا.. ومهاترات...
من كل هذه الفضاءات تحدث متحدثون، ولام لائمون، ووعظ واعظون... من كل هذه الفضاءات خرجت سهام صديقة، وفي طريقها نحو الهدف التقت وتعانقت مع سهام مترصدة، حتى لا أقول عدوة... ورغم ذلك أخطأت الهدف... فأين يكمن الإشكال ؟ هل في من يرمي سهمه دون أن يتمكن من فن الرماية، أو في من يرمي سهما وسط السهام حتى يثبت... فحولته أو وجوده، أو في من وصلت الزغاريد أذنه فأطلق سهمه دون تحديد الهدف... وإن كان نحو ذاته.. نحو قلبه... نحو مكسبه، نحو هيكل يحميه.. يذود عنه.. ويتصدى لسهام تأتي من كل حدب وصوب... نحو النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين.
إن من أبجديات العمل الصحفي أن نتثبت من المعلومة، أن ننشر خبرا مقدسا ثم نكون أحرارا في تعليقاتنا وتعاليقنا. اطلعت على الكثير من الفضاءات المذكورة أعلاه ومن أفواه الكثيرين، ولم أجد أحدا يهتدي في قاموس لغتنا العربية إلى مفردة الجرأة... ليقول الحقيقة.. ولم يخف الحقائق فقط الواقفون تارة في صف متلقي السهام وطورا في صف رماتها... فحين قرر المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين دعوة ثلة من الباحثين من مركز كارينغي للسلام الدولي، كان القرار بالإجماع وبحضور، على غير العادة، كل الأعضاء، وحين قرر المكتب إلغاء الاجتماع، في الدقائق الأخيرة، كان كذلك القرار بالأغلبية... ومن يحترم الهيكل يلتزم أولا بقراراته، ومن يحترم القاعدة التي اختارته يعترف أمامها بالخطأ ويعلمها بالخبر اليقين، ومن يحترم نفسه لا يكون دمية متحركة يرفعها إلى الأعلى خيط رفيع وتخفيه عن الأنظار أصابع اليد الواحدة...
بعضنا رأى الخطأ في طرح فكرة الاستضافة في حد ذاتها، وبعض رأى الخطأ في دعوة الباحثين والبعض الآخر رأى الخطأ في إلغاء اللقاء... واختلافنا في تقييم كل تلك النقاط أحسن ألف مرة من كلمة نعم ينطقها واحد فيرددها من ورائه الآلاف بوعي ودون وعي. قد يقترب قرار المكتب من الخطأ أكثر من اقترابه من الصواب، وهذا معقول جدا، ولكن أن يختزل الكثيرون عملنا في هذا الخطأ، أو يحمّله لأحد الزملاء دون البقية فهذا يتجاوز الخطأ.. ليكون كذبا ونفاقا وسعيا إلى ضرب وحدة الصحفيين وإلهائهم عن أصل الخطأ.
وأصل كل الأخطاء هنا في تزامن المهاترات "الفايسبوكية" مع غياب قائمة أولى انتظرنا صدورها نهاية شهر فيفري تُعلمنا بتسوية وضعية زملائنا في مؤسستي الإذاعة والتلفزة, لنجد بدلا عنها نصا جوهره سين وسوف وظاهره حرمان للصحفي التونسي من شرف حتى كلمة "صحفي" فهو في هذا النص "عون عرضي عامل بدوام كامل"، وهو في شهادة عمل إحدى الزميلات من إذاعة المنستير "مكلفة بالريبورتاجات" وهو في بطاقة تعريف الكثيرين "متعاون خارجي"...
وأصل كل الأخطاء كذلك أن ينتهي لدى البعض انتداب الصحفيين خارج القرار الرئاسي، ليصبح من عمل في مؤسستي الإذاعة والتلفزة بعد القرار مسديا للخدمات تنتهي مهمته بانتهاء الخدمة التي يسديها...
وأصل كل الأخطاء أن يمضي الصحفي التونسي من خمسة إلى عشرة أعوام من عمره دون تغطية اجتماعية ودون بطاقة صحفي محترف ودون أجر أدنى ودون... تطبيق للقوانين ودون أن يفتح فمه حتى ليقول "لقد تحرش بي المدير"... أخلاقيا ومهنيا وجنسيا...
نعم نحن "زائلون" وغيرنا كذلك... ولكننا لن نلبس ثوبا خاطه الذين يخيطون.. لمن ظن نفسه بدلا عنا... وإن حضرت الديمقراطية...
نعم نحن "زائلون" وغيرنا كذلك... ولكننا سنواصل التصدي لكل السهام... بالعمل دائما... وبالرد المناسب أحيانا.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire
Remarque : Seul un membre de ce blog est autorisé à enregistrer un commentaire.